تمنيت لو أنني كتبت هذه المقالة قبل مباراة المصري حتى لا يرتبط فحواها بنتيجة مباراة بورسعيد، أو يعد الموضوع ردة فعل على خسارة أفضل ما فيها هو التوقيت، فهي تذكرني بمباراة السويس في عام 2001 عندما خسر الأهلي 2-0 في إفتتاحية الدوري بقيادة جوزيه، عندما أراد أن يلعب بخطة 4-4-2.
أنا كنت من أشد المدافعين عن جوزيه في كافة الأوقات، و حتى مع الخسارات، و لا زلت أدافع عنه و عن كونه مدرب عظيم. و أغالط الأهلاوية الذين بدأو في تحميل الخطأ على عدم الدفع ب"أحمد دروجبا و العجيزي...و محمود سمير !! " فالخسارة عامة ما تفقد جمهورنا هدوءه و تجعلنا نفكر بعصبية. بالإضافة أننا كجمهور لا نعلم شيء عن طباع اللاعب و أسلوبه مع زملائه، و لا نرى سوى مهاراته الفردية فقط.
لكنني منذ بدء الموسم و في مباراة الزمالك في أفريقيا و السوبر، أحسست أن جوزيه لم يستطيع أن يضع فكراً إستراتيجياً لهذا الموسم. و أنه لم يهنأ بمباريات سهلة في البداية للتجربة فبدأ بمباراتين للزمالك و أسيك و روما. و لكن المشكلة تكمن في إمكانية جوزيه تغيير تكتيكه على الملعب مع المعطيات الجديدة.
فنقط ضعف الأهلي أصبحت واضحة، حارس مرمى مستواه غير ثابت، و خط دفاع بطيء و بدون ظهير حر ذو خبرة، بالإضافة أن فرق مصر أصبحت تحفظ عن وجه قلب أسلوب الأهلي في 3-4-3 و أسلوب اللعب عليها، و هو الضغط على الأهلي من منطقة جزاءه كما فعل أسيك و المصري بالأمس، و تمرير الكرة عبر بينيات خلف ظهيري القلب.
أما جوزيه فوضح أنه يريد أن يلعب 3-4-3 لكن مع قلب المثلث الهجومي برأس حربة واحد و خلفه مهاجمين متأخرين للإستفادة من كثرة اللاعبين في هذا المركز و هم أحمد حسن و بركات و تريكة و حسين ياسر و العجيزي. فأدت هذه الطريقة حتى الآن إلى عقم هجومي واضح، حيث بإستثناء مباراة الأولمبي التي لم أشاهدها و لعب بها جوزيه برأسي حربة لم نحقق فرص تهديفية منذ مباراة الزمالك. و أهداف الأهلي حتى الآن جاءت من تسديدات من خارج المنطقة كهدف أحمد حسن و بركات و إينو.
أسلوب جوزيه الجديد يعتمد على فتح أجناب الملعب عبر أجنحة جديدة و متميزة على أن يزيد المهاجمين المتأخرين و لاعبي الوسط مع رأس الحربة. و لا يبدو أن لاعبي الأهلي إستوعبوا هذا التكتيك حتى الآن و لا زالوا يخطأوا في تنفيذه، فهذا يتطلب ألا يعود فلافيو للخلف للضغط حتى يظل قوة هجومية، و أن يندفع القادمين من الخلف كأحمد حسن و تريكة و عاشور و المحمدي للمساندة في العرضيات.
و لكن هذه الإستراتيجية التي تحدث عنها حسام البدري أثبتت إنها خطأ للأسباب التالية.
1- تريكة و أحمد حسن و بركات و المحمدي أطوالهم قصيرة و أجسامهم غير قادرة على كسب المعارك الهوائية في الكرات العرضية.
2- أسلوب لعب تريكة و أحمد حسن و بركات و المحمدي هو مماثل بالإستلام من منتصف الملعب، و دائماً ما يعودوا لفعل هذا و هو ما أدى إلى ترك المساحة الهجومية فارغة من اللاعبين سوى فلافيو و ترك الفرصة للمدافعين في الزيادة الهجومية، و هو ما حدث في مباراة أسيك و المصري حيث كان محمد جابر مقيماً في منطقة جزاءنا لأن مدافع أو إثنين كانا كفيلين بإيقاف مهاجم واحد.
3- خلق زحام في منتصف الملعب و لم يتواجد الزخم الهجومي أو اللاعبين الذين يستطيع لاعب الوسط التمرير لهم، ففي مباراة أسيك كان أحمد حسن و عاشور و إينو و قبله بوجلبان بجوار بعضهما، بدون زيادة في الهجوم، أو فاعلية على المرمى.
4- أصبحت الأجنحة تمرر الكرة بعرض الملعب بدل من إختراق في عمق منطقة الخصم، حيث ينتظر الجناح إنطلاق لاعبي المنتصف بجواره للمساندة، و إنطلاق المهاجم المتأخر المعاكس للهجوم، فإذا كانت الهجوم من اليسار وجب على المهاجم الأيمن الزيادة و هو ما لم يحدث لأن المهاجم كان يحاول إغلاق المساحات الفارغة في المنتصف.
5- مع بطء الضغط الهجومي، يعود الفريق الخصم إلى التمركز دفاعياُ و يصبح من السهل إفساد الهجمة و لم تحل المعضلة سوى بالتسديد من الخارج بكرة بركات الضالة في الزمالك، أو تسديدة إينو من الخارج أو تسديدة أحمد حسن. و وضح أننا لم نستطيع تهديد مرمى أسيك أو روما أو المصري بأي هجمة منظمة.
و أعتقد أن جوزيه أخطأ في التكتيك، و خاصة مع ضعف خط الدفاع لأن مع إندفاع الوسط، تصبح المرتدات غاية في الخطورة و هو ما حدث مع الزمالك و أسيك و المصري و روما. و أظن أن الأفضل هو حل من إثنين :
العودة للعب ب3-4-3 و الدفع بمهاجمين كمتعب و فلافيو أو أسامة حسني أو بلال. و خلفهم تريكة، و وضع أحمد حسن بجانب لاعب الإرتكاز للإستفادة من طاقته و خبرته، و حسن تمريره و هو نقطة ضعف بوجلبان و عاشور، على أن يكون عاشور ملتزم دفاعياً أكثر من هجومياً. و أن يتحرك أحمد حسن كمساند في جهة الهجوم يميناً أو يساراً و بهذا يصبح عدد المهاجمين أكبر من الآن بوجود إثنين داخل الصندوق عكس الآن و هو لاعب إن وجد. و لاعب على حدود المنطقة و هو تريكة، و الظهير المعاكس يغلق المساحة المعاكسة للهجوم. و يزيد أحمد حسن لتشكيل مثلث مع تريكة و الجناح.
على أن يعود الأهلي كما إعتدنا للضغط من منطقة الخصم و هو ما لم يحدث في نهاية الموسم الماضي، ولا هذا الموسم. فأسيك كان يصل إلى منطقة الأهلي بسهولة، و تحول الأهلي من دفاع ضاغط من منطقة الخصم، إلى دفاع منطقة و هو ما أحدث مشكلة لدفاعنا غير المتميز حالياً.
و الخطة الثانية هي أن يبدأ جوزيه في تفعيل 4-3-3 . و أعلم أن جمهور الأهلي سيقول، كيف نلعب بظهيري قلب بدون ظهير حر "ده إحنا مع ليبرو و بنشيل". و هذا بالظبط ما أقصده، بما أننا نلعب بثلاثة مدافعين و نلنا حتى الآن ستة أهداف في ستة مباريات و أحرزنا سبعة أهداف. فلماذا لا نستفيد من كثرة الأجنحة و اللاعبين المهاريين؟ و نخفف الضغط على المدافعين ؟ و لماذا لا نزيد عدد الأهداف المسجلة لنرفع نسبة الفوز ؟
فيصبح تشكيل الأهلي
أمير
وائل - شادي
بركات - سيد معوض
حسام عاشور
أحمد حسن أو فتحي - جلبرتو أو المحمدي
تريكة
متعب - فلافيو
و ميزة هذه الخطة أنك إستفدت من كثرة اللاعبين المميزين لديك، بدلاً من وضع مكانهم مدافعين و هو الظهير الحر و لاعب الإرتكاز الثاني الذين يؤدوا إلى كثرة الضغط عليك. و بهذا يصبح منتصف ملعبك فيه لاعبين قادرين على نقل الكرة بشكل أفضل ,و أن يكون لديك على كل جناح لاعبين قادرين على تشكيل جبهات قوية فيصبح بركات و أحمد حسن أو أحمد فتحي شفاه الله في اليمين و سيد معوض و المحمدي أو جلبرتو في اليسار. و في العمق تريكة و أمامه لاعبي هجوم. كما سيجعلك تستفيد من كل لاعبيك النجوم، و تنوع تشكيلتك مع وضع خطة بديلة و هي 3-4-3 الكلاسيكية التي إعتادها الجمهور. و هو ما كان يفعله النجم الساحلي العام الماضي بلعب 3-5-2 في حالة الدفاع و 4-3-3 في حالة الهجوم.
و هذا ما سيدفع المنافس ألا يترك العنان لمدافعيه و لاعبي إرتكازه في الهجوم و يجعله مدافعاً و هو ما نجح فيه الأهلي عام 2001 و 2005 و 2006 و تغير في 2007 و في بداية هذا الموسم و أدى إلى أداء هزيل و بدون طعم حتى الآن.
أتمنى ألا يطيل جوزيه في تجربة الأسلوب الجديد، و لا أن يترك العنان لتجربة أساليب جديدة في مباريات ذات أهمية. و أن يعود لإمتاعنا بكرة قدم جميلة، و ألا نرى إحساس "بالقرف" لديه و لدى اللاعبين، و إحساس "بالملل" من اللعب بدون حماسة أو روح حقيقية، و هي الروح التي يعطيها الجمهور للأهلي و ليس لاعبيه للجمهور...و عندما يختفي الجمهور تختفي الروح.